responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 131
يُشْكِلُ بِأَنَّنَا نَنْوِي الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ مَعَ أَنَّ فَرْضِيَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَفْلِيَّةَ الضُّحَى لَيْسَتَا مِنْ فِعْلِنَا وَلَا مِنْ كَسْبِنَا بَلْ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامُهُ لَيْسَتْ مُفَوَّضَةً لِلْعِبَادِ فَكَيْفَ صَحَّتْ النِّيَّةُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ النِّيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ تَبَعًا لِلْمُكْتَسَبِ أَمَّا اسْتِقْلَالًا فَلَا وَبِهَذَا نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ صَعْبٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْوِي الْإِمَامَةَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ مُسَاوٍ لِفِعْلِ الْمُنْفَرِدِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْإِمَامَةُ فِعْلًا زَائِدًا فَهَذِهِ نِيَّةٌ بِلَا مَنْوِيٍّ فَلَا تُتَصَوَّرُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مُتَعَلِّقَ النِّيَّةِ كَوْنُهُ مُقْتَدًى بِهِ وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ لَكِنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَبَعًا لِمَا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الَّذِي نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَشَكَّ فِي عَيْنِهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا فَيَقُولُ هَذَا مُتَرَدِّدٌ فِي نِيَّتِهِ وَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ فِي التَّرَدُّدِ فَتَكُونُ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْقَاعِدَةِ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا بَلْ الشَّكُّ نَصَبَهُ الشَّارِعُ سَبَبًا لِإِيجَابِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَهُوَ جَازِمٌ بِوُجُوبِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا الَّذِي هُوَ الشَّكُّ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) النِّيَّةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مِنْ ذَلِكَ التَّسَلْسُلُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْلِيلِ بِالتَّسَلْسُلِ بَلْ النِّيَّةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أَنَّ صُورَتَهَا كَافِيَةٌ فِي تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSيُشْكِلُ بِأَنَّا نَنْوِي الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ مَعَ أَنَّ فَرْضِيَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَفْلِيَّةَ الضُّحَى لَيْسَتَا مِنْ فِعْلِنَا وَلَا مِنْ كَسْبِنَا بَلْ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامُهُ لَيْسَتْ مُفَوَّضَةً لِلْعِبَادِ فَكَيْفَ صَحَّتْ النِّيَّةُ فِي الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ النِّيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ تَبَعًا لِلْمُكْتَسَبِ أَمَّا اسْتِقْلَالًا فَلَا) قُلْتُ: مَاذَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَنَّا نَنْوِي لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ أَيُرِيدُ أَنَّا نَقْصِدُ جَعْلَ الْفَرْضِ فَرْضًا وَالنَّفَلِ نَفْلًا أَمْ يُرِيدُ أَنَّا نَقْصِدُ إيقَاعَ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ نَفْلٌ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَذَلِكَ لَيْسَ لَنَا وَلَا أُمِرْنَا بِأَنْ نَنْوِيَهُ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَا بِحُكْمِ التَّبَعِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّا نَقْصِدُ إيقَاعَ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ فَلَيْسَ فِي هَذَا تَعَلُّقُ نِيَّتِنَا بِالْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالصَّلَاةِ الَّتِي مِنْ صِفَتِهَا الْفَرْضِيَّةُ أَوْ النَّفْلِيَّةُ وَذَلِكَ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِنَا وَأَمْرِنَا بِأَنْ نَنْوِيَهُ.
قَالَ: (وَبِهَذَا نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ صَعْبٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْوِي الْإِمَامَةَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ مُسَاوٍ لِفِعْلِ الْمُنْفَرِدِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْإِمَامَةُ فِعْلًا زَائِدًا فَهَذِهِ نِيَّةٌ بِلَا مَنْوِيٍّ فَلَا تُتَصَوَّرُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مُتَعَلِّقَ النِّيَّةِ كَوْنُهُ مُقْتَدًى بِهِ وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ لَكِنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَبَعًا لِمَا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ) قُلْتُ: أَلَيْسَ تَعْيِينُهُ نَفْسَهُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ وَتَقَدُّمُهُ لِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ فَذَلِكَ هُوَ مُتَعَلِّقُ نِيَّتِهِ وَسَهُلَتْ الصُّعُوبَةُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

قَالَ: (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الَّذِي نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ وَذَلِكَ فِي عَيْنِهَا إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ: فِيهَا صَحِيحٌ.

قَالَ: (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: النِّيَّةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ: لِئَلَّا يَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى إيقَاعَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّاحِقَ بِالْفَاعِلِينَ وَقَدْ كَانَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ كَمَنْ يَلْحَقُ بِالْمُجَاهِدِينَ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ وَبِمُجَهِّزِ الْأَمْوَاتِ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَبِالسَّاعِينَ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ مِنْ الطُّلَّابِ يَقَعُ فِعْلُهُ فَرْضًا بَعْدَمَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْوُجُوبِ لَمْ تَحْصُلْ بَعْدُ وَمَا وَقَعَتْ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْجَمِيعِ وَاجِبًا لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَتْبَعُ الْمَصَالِحَ وَيَخْتَلِفُ ثَوَابُهُمْ بِحَسَبِ مَسَاعِيهمْ لَيْسَتْ بِنَاقِضَةٍ لِأَيِّ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الْوَاجِبِ لِأَنَّ هَذَا اللَّاحِقَ بِالْمُجَاهِدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ إجْمَاعًا مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ وَلَا لَوْمٍ وَلَا اسْتِحْقَاقِ عِقَابٍ إلَّا أَنَّ فِعْلَهُ لَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ إلَّا بِشَرْطِ الِاجْتِمَاعِ وَوَصْفُهُ بِهِ مَعَ شَرْطِ الِاجْتِمَاعِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْكَ لَا يُوصَفُ بِالْإِثْمِ إلَّا مَعَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّرْكِ مَعَ الِاجْتِمَاعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا إذَا تَرَكَ الْجَمِيعُ وَالْعِقَابُ حِينَئِذٍ مُتَحَقِّقٌ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي هَذَا اللَّاحِقِ بِالْمُجَاهِدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ الْوُجُوبُ وَعَدَمُ الذَّمِّ عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَكُونَ مُنَاقِضًا لِحُدُودِ الْوَاجِبِ كُلِّهَا فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) مَصْلَحَةُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ إلَّا الْمَغْفِرَةُ ظَنًّا لَا قَطْعًا لِتَعَذُّرِ الْقَطْعِ وَالْمَغْفِرَةُ ظَنًّا حَاصِلَةٌ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ فَانْدَرَجَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ بِلَا شُبْهَةٍ وَامْتَنَعَتْ إعَادَتُهَا لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي هِيَ مُعْتَمَدُ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ إعَادَتَهَا مَشْرُوعَةٌ لَا مَمْنُوعَةٌ وَالْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا مَصْلَحَةٌ هِيَ تَكْثِيرُ الدُّعَاءِ إلَّا أَنَّهَا مَصْلَحَةٌ نَدْبِيَّةٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسَاعِدُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا وَلَا تَقَعُ إلَّا وَاجِبَةً.
وَلَا تَقَعُ مَنْدُوبَةً أَصْلًا فَتَحَقَّقَ امْتِنَاعُ الْإِعَادَةِ بِتَحَقُّقِ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِ النَّدْبِ فِيهَا وَصَارَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ حُجَّةً عَلَى الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْمَشَقَّةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا تُسْقِطُهَا]
(الْفَرْقُ الرَّابِعَ عَشَرَ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْمَشَقَّةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا تُسْقِطُهَا) اعْلَمْ أَنَّ التَّكْلِيفَ إلْزَامُ الْكُلْفَةِ عَلَى الْمُخَاطَبِ بِمَنْعِهِ مِنْ الِاسْتِرْسَالِ مَعَ دَوَاعِي نَفْسِهِ وَهُوَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ حَتَّى الْإِبَاحَةِ ثُمَّ يَخْتَصُّ غَيْرُ الْإِبَاحَةِ بِمَشَاقَّ بَدَنِيَّةٍ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ إنْ وَقَعَ مَعَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَشَاقِّ عَادَةً أَوْ فِي الْغَالِبِ أَوْ فِي النَّادِرِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست